بسم الله الرحمن الرحيم
تداول الناس في الأيام الماضية عبر رسائل الجوال والبريد الالكتروني رسالة جاء فيها : ( هل تعلم ان التحيات اسم طائر في الجنة على شجرة يقال لها الطيبات بجانب نهر يقال له الصلوات فاذا قال العبد التحياتن لله والصلوات والطيبات نزل الطائر عن تلك الشجرة فغطس في ذلك النهر ونفض ريشه على جانب نهر بكل قطرة سقطت منه خلق منه ملكا يستغفر لقائلها الى يوم القيامة )
وكان موقف الناس تجاهها إجمالا على قسمين :
1- بعضهم سارع بنشرها رغبة في الخير ظانا صحتها ,( وهؤلاء مخطئون لانهم لم يتحروا ويتثبتوا من صحتها )
2- وبعضهم - وعمله هو الصحيح - سأل من ظن فيه خيرا من طلاب العلم .
وبطلان هذه القصة ظاهر جدا حيث إن العلماء الذين شرحوا وفسروا ألفاظ التشهد لم يذكر أحد منهم ماذكر في الرسالة .
وقد سئل عنها الشيخ الدكتور / سعد بن مطر العتيبي فقال :
هذه الرسالة التي ذكرتم يبدو أنها مأخوذة من كتاب : (الجواهر في عقوبة أهل الكبائر )، للميليباري ، وهو من الكتب التي حذر منها العلماء ، كاللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية ، وغيرها ؛ فهو كتاب يشتمل على روايات غير مسندة ، وفيه أحاديث موضوعة وضعيفة ؛ فليحذر من الاعتماد عليه أو نشر ما فيه ، وفي غيره من الكتب الموثوقة ما يغني عنه .
وقد بينت في جواب سابق أهمية الحذر من إشاعة المتصوفة الغلاة لما يتداولونه من مرويات غير ثابتة ؛ فينبغي الحذر من المبادرة إلى نشر روايات لا يعلم الناشر صحتها ، حتى لا يبوء بإثم نشر الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولو أن هؤلاء اكتفوا بنشر ما ثبت لكان خيرا لهم ، وأنفع لغيرهم . والله تعالى أعلم .
( صيد الفوائد )
وهنا نذكر الإخوة بوجوب التحري وعدم التسرع في نشر أي أمر يتعلق بالدين إلا بعد سؤال أهل العلم لأن نشر مثل هذه الخرافات يتضمن جرمين عظيمين :
1- الكذب على الله تعالى , وقد قال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ )
2- الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم , وقد قال : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )
للفائدة : هذه معاني ألفاظ التشهد كما شرحها العلماء :
قال ابن عبد البر : ومعنى التحية الملك . وقيل : التحية : العَظَمة لله . والصلوات : هي الخمس ، والطيبات : الأعمال الزكية .
وقال النووي : وأما التحيات ، فَجَمْع تحية ، وهي الملك . وقيل : البقاء . وقيل : العظمة . وقيل : الحياة ، وإنما قيل التحيات بالجمع لأن ملوك العرب كان كل واحد منهم تحييه أصحابه بتحية مخصوصة ، فقيل : جميع تحياتهم لله تعالى ، وهو المستحق لذلك حقيقة ، والمباركات والزاكيات في حديث عمر رضي الله عنه بمعنى واحد ، والبركة كثرة الخير ، وقيل : النماء ، وكذا الزكاة أصلها النماء ، والصلوات هي الصلوات المعروفة . وقيل : الدَّعوات والتضرع . وقيل : الرحمة أي : الله المتفضل بها ، والطيبات ، أي : الكلمات الطيبات .
وقال ابن رجب : والتحيات : جمع تحية ، وفسرت التحية بالملك ، وفسرت بالبقاء والدوام وفسرت بالسلامة ؛ والمعنى : أن السلامة من الآفات ثابت لله ، واجب له لذاته .
وفسرت بالعظمة ، وقيل : إنها تجمع ذلك كله ، وما كان بمعناه ، وهو أحسن .
قال ابن قتيبة : إنما قيل " التحيات " بالجمع ؛ لأنه كان لكل واحد من ملوكهم تحية يحيا بها ، فقيل لهم : " قولوا : التحيات لله " أي : أن ذلك يستحقه الله وحده .
وقوله : " والصلوات " فُسِّرَت بالعبادات جميعها ، وقد روي عن طائفة من المتقدمين : أن جميع الطاعات صلاة ، وفسرت الصلوات هاهنا بالدعاء ، وفسرت بالرحمة ، وفسرت بالصلوات الشرعية ، فيكون ختام الصلاة بهده الكلمة كاستفتاحها بقول : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ، وقوله : " والطيبات " ، فُسِّرَت بالكلمات الطيبات ، كما في قوله تعالى : ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ ) ، فالمعنى : إن ما كان من كلام فإنه لله ، يُثْنَى به عليه ويُمَجَّد به .
وفُسِّرَت " الطيبات " بالأعمال الصالحة كلها ؛ فإنها توصف بالطيب ، فتكون كلها لله بمعنى : أنه يُعْبَد بها ، ويُتَقَرّب بها إليه .)
والله تعالى أعلم .
عبد الرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بـالـريـاض
لحمدالله رب العالمين وبه نستعين
وهناك اخرى منتشرة بكثرة ايضاً
---------------------------------------
السؤال: كثيرا ما رأيتها في المنتديات والإيميل تأتيني : قال رجل من السلف : لا إله إلا الله عدد ما كان , وعدد ما يكون , وعدد الحركات والسكون ، وبعد مرور سنة كاملة قالها مرة أخرى ، فقالت الملائكة : إننا لم ننتهِ من كتابة حسنات السنة الماضية . ؟
الجواب
لا يصح نسبة الأجر والفضل إلى هذا الدعاء ، أو غيره من الأدعية والأذكار والعبادات ، بغير دليل صحيح من الكتاب والسنة .
والأثر المذكور في السؤال لم يرد في كتب أهل العلم ، ولا رواه المحدثون في كتبهم المسندة ، فلا يجوز نشره بين الناس ولا التحديث به إلا على وجه التحذير منه ، والواجب على المسلمين الحذر من نشر الكذب على الدين ، ومن تساهل في ذلك أصابه نصيب من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على من كذب عليه متعمداً .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي :
ما صحة دعاء امرأة تقول : لا إله إلا الله عدد ما كان وما يكون ، وعدد حركاته ، وعدد خلقه من خلق آدم حتى يبعثون .
فقال :
أشبه ما يكون هذا الدعاء بالتنطع ، ولو قالت : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، أو لا إله إلا الله عدد خلقه ، لكفاها عن ذلك كله ، وكان من ذكر النبي عليه الصلاة والسلام : ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ، سبحان الله وبحمده رضا نفسه ، سبحان الله وبحمده زنة عرشه ، سبحان الله وبحمده مداد كلماته )
هذا من أجمع ما يكون من التسبيح ، وأما هذه الأشياء التي يأتي بها بعض الناس يعجبه السجع الذي فيها والمعنى المبتكر ! فإن العدول عنها إلى ما جاءت به السنة هو الخير " انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/63، سؤال رقم/14)
والله أعلم .
العلامة المنجد حفظه الله
منقول