بارك الله فيك ياشيخ
س4 – ما حكم تهنئة النصارى بالعام الجديد - الميلادي - بنية التهنئة بالعام لا بالعيد ، كقول : مساء الخير ، وصباح الخير ، نقول لهم كل عام وانتم بخير . هل مباح ، أم أنه محرم لاعتباره داخلا في التهنئة بعيدهم أو احتياطا لذلك ؟
وجزاكم الله خير.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
وبارك الله فيك .
لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُهنِّئ الكُفار بأعيادهم ، ولا بشيء مِن مناسباتهم ، سواء كانت أعيادا أو بدايات أعوام .
والسنة الميلادية مرتبطة عندهم بمولد المسيح – بِزعمهم – وإلاّ فقد ثَبَت خطأ التاريخ الميلادي ، وذلك أن وِلادة المسيح عليه الصلاة والسلام صَيفًا في وقت الرُّطَب ، واحتفال النصارى به شتاء ! كما بيّنه الباحث الشيخ : محمد كاظم حبيب ، في بحث له سُجِّل في جامعة (DC) الأمريكية .
وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما حكم تهنئة الكفّار بعيد ( الكريسمس ) ؟ وكيف نرد عليهم إذا هنئونا به ؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة ؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذُكر بغير قصد ؟ وإنما فعله إما مجاملة ، أو حياءً ، أو إحراجاً ، أو غير ذلك من الأسباب ؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك ؟
فأجاب - رحمه الله - :
تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق . كما نقل ذلك ابن القيم – رحمه الله – في كتابه " أحكام أهل الذمة " حيث قال : " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سَلِم قائله من الكفر فهو من المحرمات . وهو بمنـزلة أن تهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه . وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً بمعصية ، أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لِمَقْت الله وسَخَطه " انتهى كلامه - رحمه الله - . وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ( ابن القيم ) لأن فيها إقراراً لِمَا هم عليه من شعائر الكفر ، ورِضاً به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنئ بها غيره؛ لأن الله – تعالى- لا يرضى بذلك كما قال الله – تعالى- : (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) [ الزمر : 27 ] وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) [ المائدة : 3 ] ، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا . وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى لأنها إما مبتدعة في دينهم ، وإما مشروعة ، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق ، وقال فيه : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [ آل عمران : 85 ] . وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لِمَا في ذلك من مشاركتهم فيها . وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من تَشَبَّه بقوم فهو منهم " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " انتهى كلامه – رحمه الله - .
ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم ، سواء فعله مجاملة ، أو تودداً ، أو حياءً ، أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله ، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم .
والله المسئول أن يعزّ المسلمين بدينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم ، إنه قوي عزيز . اهـ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد