غزة بين الآلام والآمال
بقلم/د.إيهاب الدالي – كاتب من غزة
عاجل .............
قصف مكثف بالدبابات والـ"أف 16" يحرق مئات المنازل ويصيب عشرات المواطنين بغزة.....
استشهاد عدد من المواطنين وإصابة آخرين......
أغارت طائرات الاستطلاع الصهيونية على عدة مواقع مدنية واستهداف عدد من المباني والمساجد......
دبابات الاحتلال تتوغل في مناطق متعددة في القطاع، وواصلت القوات الإسرائيلية حملة تجريف الأراضي الزراعية للمواطنين........
مجزرة صهيونية جديدة على قطاع غزة.
تعودت الصحف الفلسطينية أن تكون تلك العبارات هي العناوين العريضة في صفحاتها الأولى.
ينام أطفال غزة على أصوات الصواريخ ويستيقظون عليها ويحلمون بها، على ذلك تعودوا وهي بالنسبة لهم الحدوتة اليومية.
فكلما يشرق علينا فجر جديد يحمل معه آمال مشرقة تطوي سنين القهر والعذاب ، يأبى الاحتلال إلا أن يدمر أحلامنا ويجهض من عزيمتنا .
فكلنا يذكر الانتفاضة الأولى عام 1987م وما حملته من قتل وتدمير ونهب للأراضي وتضييع للحقوق، وصور الجنود الصهاينة وهم يكسرون لأذرع الفلسطينيين وجماجمهم تلك كانت سياسة المجرم رابين .
فبزغت علينا أمال بأن نعيش كباقي الشعوب فطوت أوسلو في عام 1993م تلك المرحلة وفرح أهلنا في غزة بل في فلسطين كلها واستقبلوا القيادات وعلى رأسهم الشهيد ياسر عرفات بالورود والزغاريد ، وسرعان ما اختفت تلك الفرحة وانكشفت المؤامرات الصهيونية من ملاحقة للمجاهدين واستهدافهم، وبناء المزيد من المستوطنات وتوسيعها وسرقة الأراضي ونهب للمياه الفلسطينية ، وكذلك الحفريات تحت الأقصى ومحاولة تهويد القدس .
أراد شارون أن يدنس المسجد الأقصى فهب الشرفاء نصرة لأولى القبلتين واندلعت الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) عام 2000م ودمرت طائرات العدو كل مقومات الدولة الفلسطينية من مطار غزة الدولي والمراكز الأمنية والحكومية واستهدفت العديد من القادة العظام والمسئولين السياسيين من كافة الفصائل الفلسطينية، ظناً منها بأنها ستكسر من شوكة وعزيمة الفلسطينيين.
ولكن إرهابهم لا يزيدنا إلا إيمانا بزوال الاحتلال وإصراراً على تلبية فريضة الجهاد، وتم دحر قطعان المستوطنين وانتهى الوجود الاستيطاني الإسرائيلي في قطاع غزة في سبتمبر 2005م وأقيمت الاحتفالات الضخمة والمهرجانات احتفالاً بهذا النصر المحدود.
وبدأ المواطنون بالتقاط أنفاسهم وجرت الانتخابات الفلسطينية الرئاسية في عام 2005م وعبر الشارع الفلسطيني عن رأيه بكل نزاهة وانتخب السيد محمود عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية ، وحركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006م .
ولكن اصطدم الشارع الفلسطيني بالواقع المرير والمواجهات والاقتتال الداخلي وكانت من أصعب الأيام التي شاهدناها حيث تركنا عدونا الحقيقي يتربص لنا والذي أعلن فيما بعد أن قطاع غزة "كيان معادِ".
وجاء اتفاق مكة لعله ينهي تلك الفترة المؤلمة ويتكاتف الفلسطينيون ويوحدوا كلمتهم ويقفوا في خندق واحد لمواجهة العدو الحقيقي حتى دحره من أرضنا، فخرج الناس إلى الشوارع من كافة الفصائل والأعمار فرحين بيوم جديد وأمل يتجدد وأطلقوا آلاف الرصاصات في الهواء تعبيراً عن سعادتهم بالوحدة الوطنية .
واختطفت الابتسامة وسرقت الأحلام وحوصرت غزة ولا أجد كلمات أعبر فيها عما حدث حكومتين لوطن مغتصب حكومة في غزة وأخرى في رام الله، وعبرت طائرات العدو عما يريده المجتمع الدولي عبر الصواريخ والقنابل الفوسفورية فشنت على قطاعنا الحبيب في27 ديسمبر 2008م حرباً أكلت الأخضر واليابس .
هذا هو قدرك يا غزة أن تعيشي بين الآلام والجروح وبين آمال التحرير والنصر المبين .
ويطل علينا عام 2011م إشراقه لأمال جديدة وليكن هو :
عام تحرير الأسرى وإتمام الصفقة دون استثناء أو إبعاد أحد منهم .
عام المصالحة الوطنية (مصالحة حقيقية) وإعادة اللحمة لشطري الوطن.
عام فك الحصار عن قطاع غزة وفتح جميع المعابر والحدود.
عام النصر والتمكين .
وبما أن الموت حتماً آت في موعدِ لا يعلمه إلا الله ، فليكن شهادة في سبيل الله، منتفضين على كل المؤامرات والإتفاقات المهينة ، ونأبى إلا أن نعيش حياةً حرةً كريمةً رافعين رؤوسنا لا نركع إلا لله ماضين قدماً حتى تحرير كل شبر في فلسطين .
د.إيهاب الدالي – كاتب من غزة