أبو علاء مستشار اداري
الوظيفة : الدوله : الجنس : المزاج : المشاركات : 1591 تاريخ الميلاد : 25/01/1982 تاريخ التسجيل : 29/07/2010 العمر : 42 MMS :
| موضوع: أخـــــــــــلاقنا في رمضان الأحد أغسطس 05, 2012 8:29 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخلاقُنا .. تروي عن دواخلنا .. تكشف سرائرنا تعبر عن مدى تربيتنا .. مدى ذوقنا .. ومدى احترامنا لغيرنا الخُلُق .. صفة ساميةٌ راقية , ما أكثر ما رفَعت أقوامًا وخفضت آخرين , فبقدر سمو الخُلُق يكون سموّ صاحبه , وارتفاع شأنه وعلاوة قدره بين الناس
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إِذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ "
كم مرة مررنا على هذا الحديث مرور الكرام دون أن نعتبر منه أو نطبّقه تعلمناه منذ الصغر وكل مرة يتردّد على أسماعنا , نحفظه عن ظهر قلب .. ونكرّره لكنّنا يومًا .. ما تساءلنا هل نراه مطبقًا على أنفسنا ؟
فلا يرفث .. ولا يصخب .. وليقل إني صائم , هذا الداء وذاك الدواء داء عمَّ بين أصحاء المسلمين ومرضاهم , وتفشَّى فيهم , حتى لا يكاد يخلو منه طريق أو بيت , بل حتى لا يكاد يفارق لسانًا فإذا لم نعالج هذا الداء بدوائه الذي أُرشِدنا إليه صدق فينا قول الحبيب - عليه الصلاة والسلام - : " رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ " حظُّه الجوع والعطش فقط ... ذاك حال من يضيّع أجر الصيام لينتصر لنفسه , يردّ لنفسه حقها من العزة بالشتائم وسوء الخلق , وينسى حظها من الطهارة والتزكية , ذاك الانتصار الذي تتبعه الخسارة ألم يكن قول الحبيب - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر – رضي الله عنه - : " إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ " تعبيرًا عن هذه الخسارة ؟ يخسر المناداة بلقب الإيمان الصادق , لِيَشوبه خِصلةٌ من خصال الجاهلية الأولى فيُنعت بها , وليس ذاك إلا لأنه عيّره بأمه , وما التعيير إلا من الإساءة ومثله الصخب والرفث وكلها آفات يجرها اللسان , وكان دواؤها باللسان : فليقل إني صائم
فمن جعل من لسانه دواءً لذاك الداء فقد فاز وأفلح .. قال سبحانه : { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } تلك صفة من صفاتهم استحقوا بها أن ينالوا أعلى المراتب , أعرضوا عن اللغو , طهروا ألسنتهم منه , حفظوا لصيامهم حقه , وأمسكوا اللسان عن الفحش والرذيلة وكل ذلك لأجل الله .. فذكرهم الله في المفلحين , وما أعظمها من مكرمة فهل يستغني من يريد الفلاح عن صيامه لأجل كلمة بذيئة يتلفظ بها ؟! , هل يستغني عن كرامة الذكر في المفلحين وينال مذلة الذكر في الساقطين ؟ فأيّ المقامين أسمى وأرقى ؟!
إنه الصيام يربي أنفسنا ويزكيها ويطهرها , وإلا ما تمايز الصائم عن غيره يجوع ويعطش ويتحمل الرمضاء ثم يرمي بثواب ذلك كله في البحر ! قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) قال المهلب : ( فيه دليل أن حكم الصيام الإمساك عن الرفث وقول الزور ، كما يمسك عن الطعام والشراب ، وإن لم يمسك عن ذلك فقد تنقص صيامه وتعرض لسخط ربه وترك قبوله منه ) .
وليس معنى كلامنا أنه يجوز أن نفعل ذلك خارج رمضان , هذا مما لا يُعقل , إنما الحديث من قبيل التوكيد على الحكم قال الداودى : ( تخصيصه في هذا الحديث ألا يرفث ولا يجهل ، وذلك لا يحل في غير الصيام ، وإنما هو تأكيد لحرمة الصوم عن الرفث والجهل ، كما قال تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ( 1 ) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ( 2 ) } ، والخشوع في الصلاة أوكد منه في غيرها ، وقال في الأشهر الحرم : { فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } ، فأكد حرمة الأشهر الحرم ، وجعل الظلم فيها آكد من غيرها ) .
لذلك نربي أنفسنا في رمضان على أن تكون طاهرةً فيه وفي غيره .. نتدرب في رمضان لنكون كذلك بعد رمضان أيضًا , فيكون رمضان بداية التغيير ونقطة التحول فنحن مكلفون في كل الشهور , ومأمورون بالعبادة في كل الشهور , إنما نزيدها في رمضان لما له من فضل على سائر الشهور لذلك سنربّي أنفسنا في رمضان ونعلمها ونؤدّبها , ثم نستمر على هذه التربية بقية عامنا
سنغير أنفسنا .. نطهرها ونزكيها , ننقيها من الدسائس , نرسم بحسن خلقنا لوحةً راقيةً , مزخرفةً بامتثال أوامر الإسلام الحنيف , لتعكس لكل العالم صورة المجتمع الإسلامي الذي يشوّه البعض صورته بسوء خلقه وتعامله فهل ستكون ممن يحسن صورة دينه ويجمّلها , أم ستكون ذاك الطرف الآخر الذي بدّل وغيّر وعاد إلى نقطة الصفر بعد أن ارتفع عنها كثيرًا كثيرًا ؟
إن الثبات هنا هو الفن الذي لا يتقنه الكثير .. كأنما قضينا عامنا الدراسيّ وحان وقت الاختبار , والنجاح في الاختبار هنا هو الثبات على نفس الطريق في كل رمضان تكون أخلاقنا لوحةً متكاملةً سامية , وتكون عباداتنا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا , ننوّع العبادات ونلتزم بها ونكثر منها , وتكون ألسنتنا نظيفةً طاهرةً ما أجمل هذه الأفعال وما أحسنها , ولكن حُسنها لا يكتمل حتى تكون لازمة لصاحبها لا تتركه ولا تفارقه , ولا تنفكّ ترفعُه كل يوم
وأنا هنا أذكر نفسي قبل أن أذكركم .. فما أكثر تقصير هذه النفس ولا أجد أولى منها بهذا التذكير .. فاللهم اجعلنا من الثابتين وتوفنا مسلمين وارحمنا برحمتك يا كريم
فائدة : « إذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ولا يصخب ، فإن شاتمه أحد أو قاتله ، فليقل : إني صائم » أما في غير رمضان فيقوله سراً يزجر نفسه بذلك، خوف الرياء .
وفي ختام القول نحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات , ونسأله العون على النائبات والكربات , ونسألك اللهم الثبات على الأعمال الصالحات , واقبضنا اللهم عليها . | |
|