المدخلإن لغة العيون لها متغيرات وثوابت ، متغيرات تتعلق بانفعالات المواقفوالنطق بلغة صامتة عما يجيش في الصدور ، وثوابت عن طبع وتطبع ذلك الإنسانالذي ترتسم على عينيه صفاته سلبا أو إيجابا ، صفات طيبة أو شريرة بلونالبشرة ، إلا أن يهديه الله فتتحول اللغة السوداوية المكفهرة إلى نورانيةتشعرك بالبهجة والراحة حينما تراه بعد ذلك .ولذا : يقول تعالى في سورة الرحمن : يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَبِسِيمَاهُمْ .......ِ (41) . فالسمة أول ما تبرز من لغة العين، وهذهاللغة لها مدلولاتها في واقع الإنسان وخاصة لقارىء لغة العيون التقيالنقي الصافي صاحب الشفافية الذي ينظر بنور الله ، ومن هذا الباب تتسللبهدوء لأَعماق العيون وغموضها لنصل لسير غورها ، فنقرأ مجتهدين هذه اللغةالتي ينطق حروفها بلا مشقة أَهل الصلاح الأتقياء التي نرجو الله أنيجعلنا منهم .
1 - العُيونُ النَّاعِسَةشكلها : حينما تأخذ العين هذا الشكل فإنها تبدو وكأنها تريد النوم فهيناعسة والحقيقة غير ذلك لأنها حالة من لغة العيون المعبرة عن الاستسلاموالرضوخ للأمر الواقع أو الرضى الخجول (فهي عيون خجلى) لا خبث فيها ولادهاء ولا غباء ، كذلك فهي عيون الطيبين الذين يفتقدون الكياسة .تَـدُلُّ : على اللامبالاة والسكون السلبي وقبول الأمر الواقع بلا نقاشأو جدال . وحينما تبدو العين ناعسة فاعلم أن صاحبها يسلم لك القيادة ويثقفيك تماما ، ولكن احذر خيانته فإنه حَليم إذا غضب آنذاك (تحت السواهيدواهي) . فلا يعني إشعارك بالاستسلام والرّضا والثقة والقبول أن تستغلذلك في الشر ، قد يسمح لك ولكنه سينتقم ما أُتيحت له فرصة الانتقام .
2 - العُيونُ المُخَدِّرةشكلها : هي عيون تائهة حائرة حزينة ترتسم عليها علامات الأرق والمرضيتصنَّع صاحبها الطِّيبة وحبّ السلامة والهدوء .تَـدُلُّ : على أن صاحبها هزيل يُهزم بلا مقاومة لأنه سلبي ويفتقدلروحانية الإيمان ، بل هو شجاع في اقتراف المعاصي والدياثة (ليس غيورا) ،لا يعتمد عليه مطلقا لأنه يضرّ أكثر ممّا ينفع ، حتى أنه يضرّ نفسه ،أنجح شيء ينفع فيه الإصلاح بين الناس س بحلو الكلام ، والمسكنة وجبرالخاطر بين المتخاصمين ، ولكنه إذا خاصم فَجَر والعياذ بالله . . واللهتعالى أعلم .
3 - العُيونُ الثَّعلَبِيَّةشكلها : دهاء ومكر ورؤم وتربّص وانكسار الجفن الأعلى وتحديق بالحدقةمركّز وكأنها عين صقر يُوشك أن ينقضَّ على فريسته ، مع مسحة لؤم واضحةعلى عموم العين .تَـدُلُّ : على ذكاء ممزوج بدهاء وصاحبها شُعلة نشاط ويُركَن إليه فيالأعمال الجسيمة والخطيرة التي تتطلب حُسن تصرف وتذليل عقبات وهذا الصّنفمن الناس يكون كالتاجر (خذ وهات) لا يعرف المجاملات ولا يُصاحب ولكنهيتقن عمله ، وهو شخص جامد غير مرح ، وكذا النساء تكرهه لأنه ثقيل الظللئيم . . ولذا ينجح صاحبها في الأعمال العسكرية والأمنية فقط ، أما غيرذلك فتارة وتارة .
4 - العُيونُ الغَائِرةشكلها : دفينة أسفل الجبهة كأنها مختبئة غائرة كأنها جرذ في جُحرهيتربص ، تحيطها هالة قاتمة تنظر بترقب وحدة غامضة .تَـدُلُّ : على حقد دفين وحسد لعين ، وإن تظاهرت بالطف والبسمة الصفراءفإنها تطفح حولها ظلمات تعرب عما في القلب من سواد وبغض لمن تنظر إليه ،وهذه صاحبها إما أن يكون مظلوما ولا يملك قوة ترد عنه الظلم مغلوبا علىأمره ، ولكن لن يسامح ويتحين لحظة الانتقام ، وإما أن يكون حقودا معقدانفسيًّا غلبت عليه السوداء وداخله مثقل من حمل الهم والغم . . فاحذرهوحاول أن تكسبه ؛ وذلك بنصرته لو كان مظلوما وتطييب خاطره أو تجنبمعاملته لأنه يشعر بأنه مهضوم الحق فلا بد من الوصول .
5 - العُيونُ النمرية (الصَّارمَة)شكلها : بيضاوي لامع ثابت في نظرته كالنمر المتربِّص لا بسمة فيها ولاحزن ، بل الصرامة والجدية والتَّربص وعدم الانكسار والثقة القويةبالنفس .تَـدُلُّ : على الثبات على المبدأ والجدية في العمل والطاعة العمياء فيتنفيذ الأوامر مع الدّقة وعدم المجاملة ، وهذه النظرة تدل على الموقفالحازم الذي لا رجعة فيه، مع حدوث هذه النظرة في قيام مشكلة خاصة لا بدوأن يعامل صاحبها بحزم موافق للبت في المشكلة وبلا هوادة لأنه عنيدومتغطرس ، فلا بد من كسر غطرسته بالحجّة والحَسم مع عدم ظُلمه ، لأنه لوظلم سيغدر . . فالحسم مع الحسنى هو علاجه .
6 - العُيونُ الطَّيِّبَةشكلها : هي أجمل وأريح العيون لأن فيها البراءة تنطق بالحسن والصَّفاءوالنقاء والوفاء .تَـدُلُّ : على طيبة قلب صاحبها وثقته وحسن ظنّه ونقاء سريرته وكرمهالمعهود ، وأصحابها للأسف يتعبون في كل أحوالهم وأعمالهم ، لأنهم يثقونفي كل الناس ولا يعرفون كيف يعيشون "بين الذِّئاب" ، وهم حُكماء عُقلاءعباقرة يحبون الهدوء وينشدون الكمال في كل شيء ويحبون السلام ويكرهونالعدوان ولكن لا يقبلون ، بل يقتصّون من المعتدي ، ولهم نظرة ثاقبة معأنهم يثقون فيمن لا يستحق ، مع أنهم يحسّون بقلوبهم ولكن غلبة الطيبةعليهم تجعلهم يسامحون ويُحسنون الظنّ . . ومن ينظر إليهم يحبهم بلا خوفوهم سعداء ولو في أحلك المحن .
7 - العُيونُ الضَّاحِكَةشكلها : عيون صافي مبتسمة صحوكة جميلة كأنها عيون طفل صغير تتسم بالبريقوالبراءة ، والنظر إليها وتأمل لغتها يُعطي الشعور بالراحة والاطمئنانوالثقة .تَـدُلُّ : على نقاء السريرة والمحبة والقبول وطيبة القلب ، ولكن ننصحصاحبها أَلَّا يُضحك عينيه أمام اللئام أو النساء الأجنبيات ، لأن هذاسيجلب عليه سوء الظن والتجرؤ عليه ، والعيون الضاحكة صاحبها قليل الهمسعيد الحال يتمتّع بصحة وعافية وصفاء وسرور ، لكنه مُرهف الحس يؤثرالسلامة على التحديات الفارغة مع أنه شجاع جدا ، ولكنه حكيم لا يُحبالعدوان محبوب من كل الناس يكرهه أهل الأحقاد والأوغاد .
8 - العُيونُ الصَّفراءشكلها : تُشعرك فور ما تراها بانقباض عجيب ، وحذر من التعامل مع صاحبهامع أنها ضيقة باهتة ممزوجة بصُفرة وغشاوة رمادية مرتجة في النظرات محيرةغريبة .تَـدُلُّ : على أن صاحبها مريض بمرض كبدي أو بالمرارة أو في العيننفسها ، وإلا فصاحبها بما اكتسبت من علامات وملامح إنسان حقود حسودلئيم ، ولذا يقول الناس عن الإنسان الذي لا يسامح ولا يفسح طريقاللتفاهم ، بل لديه خصام ويحمل غلًّا : هذا إنسان أصفر (صفراوي) فلتحذرمعاملته والبعد عنه غنيمة لأنه مؤذ وخير وسيلة لعلاجه الأخذ بيده لطريقالصالحين ، وربط قلبه بذكر الله ، وتلاوة القرآن . . أما من ككان منالذين لا يهتدون ولا يريدون الهَدْي فالحذر منه ومن صحبته .
9 - العُيونُ الجَريئَةشكلها : متسعة الحدقة ثابتة النظرة قوية جريئة تشعرك من أول وهلة بأنصاحبها شجاع واثق من نفسسه ، وقلما يغمض صاحبها عينيه أو ترتعشان أثناءالكلام .تَـدُلُّ : على الانطلاق والتحرر والشجاعة مع طيبة القلب ، وإن كانصاحبها يحب المزاح ولكنه سليم الطوية نقي النية يخلص جدا لمن يحبه ويقسسوجدا على من يعاديه لا يعرف الوسطية ، كل شيء لديه إما أسود أو أبيض . .رجل (دغري) كما يقولون في العامية . وصاحبة العيون الجريئة امرأة لاتُحتمل لجرأتها وعدم حيائها فتكون نكبة على زوجها وعلى نفسها لأن من صلاحالمرأة حياءها وإخباتها . قال تعالى في سورة الأحزاب : وَقَرْنَ فِيبُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِالْأُولَى .... (33)
10 - العُيونُ الشَّـرِّيرةشكلها : جاحظة غير مستقرة ، ترمي بشرر الشَّر ، تعلوها مسحة الكِبْروالتعالي ومن الوهلة الأولى حينما تنظر إليها تشعر بأن صاحبها مجرموخائن .تَـدُلُّ : على عقدة النقص التي تختلج بين أضلعه كإنسان معقد حقودمتكبر ، وغالبا ما يكون مجرما ويحاول إخفاء إجرامه بالتظاهر بأنه متمكنوصادق ، ولكن لغة العيون لا تكذب فتفضحه عيونه فتظهر كتكشيرة الكلبالمسعور . وهذه النظرة من العيون إشارة حمراء وناقوس خطر لتحذر من صاحبهاولتعلم بأنه يكرهك إذا نظر إليك بهذه اللغة الشريرة للعيون وإنه فاقد نورالإيمان ، فلذا هو أسود القلب لا يرحم وهو في الحقيقة جبان وسيء الخُلُقولا يُؤتمن البتة .
11 - العُيونُ الغَّـمَّازةشكلها : كثيرة الحركة ترفع الجفن العلوي بغمز ولمز مع غضّ الشّفه السفلىفي بعض الأحيان . . ترى عليها مسحة صفراء باهتة ، وصاحبها كثير الالتفاتلئيم .تَـدُلُّ : سبحان الله القائل في صورة الهمزة : وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍلُّمَزَةٍ (1) فهذه العيون التي تكثر الغمز واللمز هي تترجم ما يجولبخاطر صاحبها، وما يموج بنفسه، وما يُضمر قلبه من لؤم واستخفاف بمن ينظرإليه ، وهذا الصنف يفتقد الشجاعة الأدبية ويمتلكه الخبث والأنانيةوالتعالي السخيف . ويجدر بالمشهود أن يحذر هذا الشخص الغماز ويقطع صلتهبه تماما ، وإن لم يستطع فيجدر به أن يختصر معه الطريق ولا يحدثه إلا فيحيز الحاجة الملحة ، لأنه أي الشاهد غير مأمون ونمّام خطير ويحب الأذى ،فحق على الله أن يتوعده بالويل وهو واد في جهنم .
12 - العُيونُ المنكَسِرَةشكلها : منكسة منكسرة مغمضة أغلب الأحيان عليها مسحة حزن وندم ، يكونصاحبها أغلب وقته مهموما قلقا منكسر الخاطر كما يقولون أو (عينه مكسورة)بالتعبير الدارج .تَـدُلُّ : على مكبوتات النفس إما نتاج حرمان أو تأنيب ضمير ولوعة بالنفسوندامة على فقد عزيز أو شيء غال .وهذه النظرة لا تقاوم ، بل لا ترفع جفنا او تثبت نظرة في عين من يعرفحقيقتها أو يؤنبها ، لأن الإحساس بالذنب يكسر العين ، وكذلك لوعة الحزنللحرمان تكسر العين ، فيجدر بنا أن نترفق بصاحبها ونعامله بحكمة ولانذله ، بل العدل بحكم الله معه ومعالجته وإصلاحه أو تعويضه عما حرم منهبالسلوى والمواساة الرحيمة وبحمد الله على العافية .
13 - العُيونُ البَريئَةشكلها : ثبات النظرة مع صفاء الحدقة وابتسامة المنظر مع البراءة المتمثلةفي الشكل العام مع الشعور بمحبة صاحبها والاطمئنان عليه ..تَـدُلُّ : على طيبة قلب صاحبها ونقاء سريرته ، ولكن تعتريه سذاجة في بعضالأحيان مما يسهل الضحك عليه من قبل المخادعين الخُبثاء ، فصاحبها كمانقول : (على نياته) رجل طيب .ومهما تصنع إنسان البراءة وهو ليس من أصحاب العيون البريئة فإنه سرعان ماتكشفه عيونه ، لأن العيون البريئة ثابتة في شكلها الرائع الوديعالهادىء ، وأصحاب هذه العيون رجال حُكماء ، لكن في الغضب أجارك اللهيُحبون بإخلاص ويكرهون بلا عودة ، لأنهم يحبون العدل والحسم والحزمويكرهون الظلم والحقد ، فلذا هم سعداء ومن حولهم كذلك .
14 - العُيونُ الحَنُونشكلها : كأنها عيون أُمّ رءوم حنون على طفلها فيها مسحة الشفقة والرحمةورقّة الإحساس ، عليها بريق رقيق فيه شفافية ورونق جميل تمتزج في حناياهارقرقة الصدق والطيبة والوفاء والمحبة .تَـدُلُّ : على الصدق والإخلاص والوفاء والحب الصافي في الله ولله ، بلالحرص والإيثار والتضحية وهذه لغة صامتة عما يتربع على عرش القلب من محبةوإخلاص ، وهذه النظرة تنبعث من عيون الأمهات والأطفال والأزواج المخلصينأكثر من غيرهم ، وهي لغة للعيون تطمئن القلب وتفرح النفسس وتزرع الثقةوالأمل الجميل ، والرجل صاحب هذه العيون رجل طيب نقي ، احرص على صحبتهومحبته لأنه لا يعرف اللؤم ولا الخيانة ، بل شاشة العيون لديه تكشف عمافي أعماق قلبه من نبل وسلامة نية ونقاء طوية وعموما هي تدل على شخصيةمثالية .
15 - العُيونُ البَلْهَاءشكلها : فيها جحوظ خفيف ترتسم فيه علامات الحيرة والبلادة مع ابتسامةبلهاء مع تحرك الجفون بارتعاشة مرتجفة مع تحفز للاشيء .تَـدُلُّ : على (غُلب) صاحبها وضعفه وبلادته مع مكر بلا بصيرة وتقلبوحيرة . وينبغي لمن يعامله أن يترفق به ويحسن إليه ، لأن صاحب هذه العيون(على نياته) كما يقولون يحب من يحبه ويبغض من يبغضه بلا وسطية ، فهو لايعرف الحلول الوسط ، إما أسود ، وإما أبيض بلا نظر للعواقب أيًّا كانت .
16 - العُيونُ الجَاحِظَةشكلها : حينما تجحظ العيون فإنها تعبر عن ثورة، أو خوف ، أو إعجاب .....فهذا الجحوظ تعبير عن مشاهدة ، أو سماع شيء مثير حزنا أو فرحا ولكل مسحتهالواضحة للمشاهد المتأمل ، والجحوظ يتم بتباعد الجفنين انفتاحا لأكبرحيّز للعين مع بروز شكلي للعين معبرا عما يجيش بالنفس من مشاعر وأحاسيس .تَـدُلُّ : على أن ذلك الشخص الذي تُجحظ عيناه مفرط الحساسسية تجاه مايراه ، ولا يجد وسيلة للتعبير إلا عينيه فهو طيب ولكن يفتقد للتحفظ وكأنهفي ذلك الموقف يكشف كل ما لديه بلا حذر ، وهذا يعتبر دليل عدم خبثهولؤمه ، وهذا الجحوظ يؤكد لك أنه لا يصلح للمهام الصعبة ذات الطابعالسرّي . . ومع ذلك فهو مخلص لك لا يضمر تجاهك أي شرّ أو حتى أي شيء معأنه متمرّد ، أو هو يعاملك بمعاملتك خيرا بخير وشرا بشر .المصدر : كتاب "لغة العيون" لمؤلفه أبي الفداء محمد عزت محمد عارف - دارالفضيلة