الحمد لله وبعد ،
قال الله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ
وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي
نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ
تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "[ لقمان:34] .
والشاهد من هذه الآية قوله تعالى : " وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ
أَرْضٍ تَمُوتُ " .
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ
السَّاعَةِ وَيُنْزِلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ
بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . رواه البخاري
(4261) .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَفَاتِحُ
الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا فِي
غَدٍ إِلَّا اللَّهُ ، وَلَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا
اللَّهُ ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا
اللَّهُ ، وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، وَلَا يَعْلَمُ
مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ . رواه البخاري (4328) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ
فَقَالَ : مَا الْإِيمَانُ ؟ قَالَ : الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ
بِاللَّهِ ، وَمَلَائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَبِلِقَائِهِ ،
وَرُسُلِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ . قَالَ : مَا الْإِسْلَامُ ؟
قَالَ : الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ
شَيْئًا ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ
الْمَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ . قَالَ : مَا الْإِحْسَانُ ؟
قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ
تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . قَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ : مَا
الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ
أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّهَا ، وَإِذَا
تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْإِبِلِ الْبُهْمُ فِي الْبُنْيَانِ فِي
خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ، ثُمَّ تَلَا النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ
السَّاعَةِ .... الْآيَةَ . ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ : رُدُّوهُ
فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا ، فَقَالَ : هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ
النَّاسَ دِينَهُمْ . رواه البخاري (48) .
وقال الإمام الترمذي في سننه :
- ما جاء أن النفس تموت حيث ما كتب لها .
حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَقَ ، عَنْ مَطَرِ بْنِ عُكَامِسٍ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: إِذَا قَضَى اللَّهُ لِعَبْدٍ أَنْ يَمُوتَ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ
إِلَيْهَا حَاجَةً .
قَالَ أَبُوعِيسَى : وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي عَزَّةَ .
وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وَلَا يُعْرَفُ لِمَطَرِ بْنِ
عُكَامِسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ
هَذَا الْحَدِيثِ .
صحيح سنن الترمذي (1745)
وقال الترمذي أيضا :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ
الْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَا : حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ
أُسَامَةَ ، عَنْ أَبِي عَزَّةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا قَضَى اللَّهُ لِعَبْدٍ
أَنْ يَمُوتَ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً أَوْ قَالَ
بِهَا حَاجَةً .
قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، وَأَبُو عَزَّةَ
لَهُ صُحْبَةٌ وَاسْمُهُ يَسَارُ بْنُ عَبْدٍ ، وَأَبُو
الْمَلِيحِ اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ
الْهُذَلِيُّ وَيُقَالُ : زَيْدُ بْنُ أُسَامَةَ .
صحيح سنن الترمذي (1746)
قال صاحب تحفة الأحوذي :
لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً : أَيْ فَيَأْتِيهَا وَيَمُوتُ فِيهَا
إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : " وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ
أَرْضٍ تَمُوتُ " .
وقال ابن أبي الدنيا حدثني سليمان بن أبي مسيح قال أنشدني محمد بن الحكم
لأعشى همدان:
فما تزود مما كان يجمعه ***** سوى حنوط غداة البين مع خرق
وغير نفحة أعواد تشب له ***** وقل ذلك من زاد لمنطلق
لا تأسين على شيء فكل فتى ***** إلى منيته سيار في عنق
وكل من ظن أن الموت يخطئه ***** معلل بأعاليل من الحمق
بأيما بلدة تقـدر منيته ***** إن لا يسير إليها طائعا يبق
فلنأخذ العظة والعبرة من هذه الآيات والأحاديث ، وليحرص المسلم على تقديم
ما ينفعه يوم القيامة .
وليستعد كل منا للموت .
وسبب إيرادي لهذه الآيات والأحاديث التذكير بها أولا ، ثم موت هذا الرجل
فيصل الحسيني الذي خرج من أرضه إلى أرض كتب الله أن تكون هي مكان موته .