الأصل في العلاقة الزوجية التواد والتراحم ، لكن بعض الأزواج يستخدم
سلطته التي أعطيت له شرعيا وقانونيا على نحو شيطاني،
محامون "أذكياء" ينصحون الزوج الذي يريد ابتزاز زوجته بإعفائه من تبعات
الصداق المعجل أو المؤخر ، بإبقاء الزوجة على ذمته في بيته ومضايقتها
وإساءة معاملتها والتقتير عليها بالإنفاق بغية إقدامها على رفع دعوى شقاق
ونزاع لتخسر معها جزءا كبيرا من حقها في مهرها الذي غالبا ما يكون مؤخره
غير مدفوع ، والملاحظ من خلال ارتفاع عدد الشكاوى التي تردنا أن سوء
استخدام صلاحيات الزوج ونصائح المحامين في مثل هذه الحالات تكثر لدى
الرجال المعددين للزوجات ، ومن هذه الحالات:
ثلاثة معددين بعدما شعروا بعدم مقدرتهم على الإنفاق على بيتين لجأوا
لمضايقة نسائهم بممارسة الضغط عليهن من خلال التقتير في الإنفاق عمدا
للتخلص من الزوجتين والأبناء في آن واحد ، أو التخلص من زوجة واحدة
والإبقاء على الأخرى ، سيما وأن أسلوب بعض المحامين "المستثمر" للقانون
يثبت بأن الزوج غير قادر على الإنفاق وأن الزوجة هي المتقدمة بشكوى
الشقاق مع العلم أن حالتين من الحالات الثلاث التي اطلعنا عليها ، أقدم
فيها الزوج على الطلاق التعسفي ولأن الزوجات يرغبن بالستر عدن للبيوت ولم
يكن يعلمن بالمعد لهن إلا بعدما تبجح الأزواج بالقول لهن من تريد الخلاص
إما أن تتنازل او تذهب وترفع دعوى شقاق ونزاع ، وثمة حالات أخرى كثيرة
لأزواج لهم زوجة واحدة مارسوا نفس الممارسة ، والمشكلة تكمن في إساءة
استخدام القانون على نحو لا يراعي العدالة ، ولا راحة الضمير ، فبعد صبر
الزوجة سنين طويلة يرمي بها زوجها للشارع دون حساب للعشرة وتوصية الرسول
صلى الله عليه و سلم
: استوصوا بالنساء خيرا ، ودون مراعاة لقوله تعالى:
"وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتًهًنَّ نًحْلَةً فَإًن طًبْنَ لَكُمْ عَن
شَيْءْ مًّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنًيئًا مَّرًيئًا" النساء آية 4
وقوله ايضا ، جلت قدرته: "الطَّلاَقُ مَرَّتَانً فَإًمْسَاكّ بًمَعْرُوفْ
أَوْ تَسْرًيحّ بًإًحْسَانْ" البقرة 229 .
إن الزواج ميثاق غليظ ، وكما يقول الدكتور يوسف القرضاوي في سياق حديثه
عن هذا المصطلح العظيم ، إن الزواج.. هو رباط مقدس ، سماه القرآن ميثاقا
غليظا:
(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إًلَى بَعْضْ
وَأَخَذْنَ مًنْكُمْ مًيثَاقًا غَلًيظًا) ، عهد قوي متين ، هذه الكلمة
التي وصف الله بها النبوة:
(وَإًذْ أَخَذْنَا مًنَ النَّبًيًّينَ مًيثَاقَهُمْ وَمًنْكَ وَمًنْ
نُوحْ وَإًبْرَاهًيمَ وَمُوسَى وَعًيْسَى ابنً مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا
مًنْهُمْ مًيْثَاقًا غَلًيظًا) ،
فالنبوة ميثاق غليظ والزواج ميثاق غليظ.. والمرأة زوج ، والرجل زوج ،
وهذا من روائع اللغة العربية.. كأن كل واحد من هذين الطرفين:
في الظاهر فرد وفي الحقيقة زوج ، يتضمن ويستبطن الشريك الآخر: يعبر عنه ،
ويتضمنه في ضميره وروحه كأنما يحمله في جوفه وصدره.. فكيف يفعل به ما
يفعل ، مستثمرا بعض ثغرات القانون طلبا لعرض الدنيا ـ ملحقا أذى فادحا
لهذا الرباط المقدس؟
نعلم أن هناك جريمة في القانون المدني تسمى سوء استخدام السلطة ، فلم لا
يكون جريمة مشابهة ، في القانون الشرعي تسمى: سوء استخدام سلطة الزوج؟