جـــــرح على جــرح
رســـــالة
من / السيد إبراهيم أحمد
ــ إلى الذى آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصب عليه حقد قلبه :
لقد أعادت لى إساءتك لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ذكرى مؤ لمة حينما كنت طالباَ بالأقباط الأعدادية فى فصل المتفوقين وهو يضم الطلاب علـــــى إختلاف ديانتهم ، و كانت بيننا صداقة و تزاور وتعاون إلا أنه فى إمتحان الدين وقبيل تسليم ورقــة الإجابة بادرنى زميلى جرجس : هل أنهيت إمتحان محمد الذى ليس عليه الصلاة و السلام ؟ ، فعاجلته بقولى : وهل أنهيت إمتحان المسيح الميت ؟ نعم لقد عوقبنـا فـــى مجلس تأديب عند مدير المدرسة و لكن حينما فكرنا فى الأمر وجدنا أن جرجس كان مشحوناَ من خارجه ، وأنا بحثت له عما يؤلمه فى عقيدته مثلما آلمنى فى عقيدتى دون داع ، وتجاوزنا الحدث العارض لأن أساس العلاقة بيننا ليست نفى الآخر أو تصفيته .
لقد تربينا فى الشرق على المحبة فلا تكاد تجد فى تاريخ أياً منا أنا أو والديـا وإخوتى ، حتى أبنائى : أصدقاء على ديننا فقط حتى تجد معهم أصدقاء على غير ديننا ، و لقــد كان أول من لفت نظرى و قلبى ( إنجيل ) تلك التى كانت على مقربة من مكانى بالفصـل الإبتدائى وهـى مسيحية هادئة لطيفة، وصموئيل صديقى الذى كان يشاركنى صــوم رمضان ، و آخر كنت مدعواَ على الغداء عندهم وحان وقت الصلاة و صليت فـــــى غرفة والده على قطعة قماش نظيفة قدمها لى كسجادة للصلاة ، وحينما كنت أكتـب الأغانى العاطفية تصورت المسيحى لو أراد أن يكتب أغنية لحبيبته المسيحية فكيف يكتب لها ، وكتبتها عنه و قد تدلل لك - لو قرأتها - كيف و كم كنت قارئاَ نهماَ للديانة المسيحية و غيرها من الديانات السماوية وغير السماوية ولا تزال مكتبتى يقبع داخل ركن منها ظاهر، مجموعة من الكتب الدينية قد يعزـ ربما ـ على المسيحى أن تكون فى متناول يده .
فى أحد أيام شهر رمضان المعظم و بعد إنتهائنا من قيام الليل وجدتُ حارساَ لإحــدى المحلات و كان صاحب المحل مسلماَ وجدت هذا الحارس الشاب يقرأ فى كتيب صغير ظننتــه يختم القرأن ، فإذا به مسيحياَ يقرأ فى الإنجيل فتناولته منه و كان يضم الأناجيل الأربعة فقط ، و قلت له إن إنجيل الحياة الذى لدىَّ يضم إلى جانب ذلك أعمال الرسل و تصافحنا و شجعته ، وكم كان جواَ روحانياَ جميلاَ أن يقرأ المسلم فى مصحفه و المسيحى فـــــى إنجيله وكل هذا وذاك تضمهما عباءة رمضان الحنونة الرحيمة ، فمنحــــــت لياليه لكليهما السكينة والرحمة والإيمان للعالمين مثلما كان نبى الاسلام رحمة للعالمين ..
..... تربيتُ منذ الصغر على حب الآداب و الفنون والقراءة عن الأديان فى الشرق كما فى الغرب و تتلمذنا على أديان الهند الكبرى و فلسفات اليونان وأفكارهم و على روايات شكسبير و سومرست موم و مسرح راسين ، ويونسكو ، و شعربودلـير ، وجيته ودانتى الليجيرى، وفولتير ، وبول فاليرى ، و سارتر ، وتولستـوى، و دستويفسكى ، وإميل زولا ويوجين أونيل ، وويليامز، وأوزبون ، ودورنيمات ، و طاغور ، تربيت وغيرى و تألمت مــن فولتير حين كتب مسرحية عن سيدنا محمـد مملؤة بالمغالطات ليسترضى البابا الغاضب عليه ، ودانتى الليجيرى حينما كتب الكوميديا الإلهيـة ووضع سيدنا محمد ، و الإمام على بن أبى طالب فـــــى الخندق التاسع من الجحيم وعذبـــه بطريقة إجرامية وللأسف كنــا نقرأها مترجمة دون هذا المقطع حتى لا تثير مشاعرنا كما أرادت دور النشر ، ولكن على الطرف الآخـر كان هناك برنارد شو وجوته، و اليكس كارليل ، وجارودى، وبوكاى، وهونكه ، وبيرل باك وغيرهم كثير من علماء وعقلاء المسيحيـة الذين اعتنقوا الإسلام و الذين لم يعتنقوه وهم يكتبون بحب وبوعــــى مثل الأستاذ خليـل اسكندر قبرص فى كتابه: دعوة نصارى العرب إلى الدخول فى الإسلام وهو مسيحى عربى و الدكتور نظمى لوقا وكتبه ومنها : (محمد الرسالة و الرسول، ومحمد فى حياته الخاصة) و غيرهما وهو مفكر قبطى ، وكذلك المفكر القبطى المعاصردكتور نبيـل لوقا بباوى فـــى كتابه : (محمد و الخناجرالمسمومة الموجهة إليه ) وغيرها من كتبه عن الإسلام ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، غير أن كتاب بباوى عن الخناجر المسمومة لم يضـم بين دفتيه أخر تلك الخناجر وهو خنجرك أيها الدنماركى المتجاهل ، ومع هذا كنا نتقبل تلك الطعنات من مستشرقين و مستغربين فنردها إما إلى حرية التعبير والفكر التى تحظى به أوربا وأمريكا وأحياناَ إلى السطحية العلمية ، و الجهل المصحوب بالحقد ، وبالإشادة كذلك لكل من أضاف إلى فهمنا مفاهيم جديدة غابت علينا من ديننا وتاريخنا وأولئك هم المنصفون ، غيـر أن الذى رأيناه فى الأونة الأخيرة مـن تدنيس للقرآن عن عمد والبصق والتبــول عليه وتمزيقـه وتعذيب المسلمين و قتلهم وهتك أعراضهم رجـالاَ ونساء وإستباحة أراضيهــم ، وتسفيه دينهم ، وتأليف قرآنآ جديداَ لهم ، و الضغط على الحكومات المسلمة باسـم المعونات لتخفيض الحصص الدينية ، وتغيير المناهج وخاصة مادة الدين ، ورفـع آيات وقصص الجهاد من الكتب ، ومنح العفو لليهود بأن يحجروا علينا فلا نسميهم بأخوة القردة والخنازيرعلى سبيل الكناية ، و حتى الدعاء لله عليهم لما أقترفوه ومازالوا يقترفونه من آثام فى حق أهلينا بفلسطين وغيرها ، حرمونا منه حتى فى صلاتنا ومانراه كذلك من سياسة الكيل بمعيارين ، وأيضاً إستقواء بعض من يشاركوننا الوطن أقباط الداخل بالسيد بوش وأعوانـه على المسلمين ، لـم نجد فى هذا حرية تعبير ، ولن أحدثك عن الهولوكست تلك الدائرة الحمراء التى لا تقوى أنت ولا غيرك علــــى الإقتراب منها ..
وأسألك كيف غابت حرية التعبيرتلك التى تتشدقون بها وتشهرونها فى وجوهنا فى عدم منح جائزة أوسكار لفيلم فلسطينى ( الجنة الآن ) والتى لم تعرضه ولا دارعرض أمريكية .. ؟!! ، لماذا صفقتم لسلمان رشدى وحاربتـم رجاء جارودى مع أن المنطلقين فكريين ويستظلان بمظلة حرية التعبير.. ؟!!
لماذا طردتـم من هاجمت رامسيفلد حينما أعلن الحرب على الإرهاب لمدة أربعين عاماَ قادمة ( على من يدينون بعقيدة الانتحار ) علـى حد قوله ويعنى المسلمون .. ؟!! ، لماذا و لماذا وألف لمـــاذا تؤكد أنها حرب على الإ سلام وحرية تعبير فقط على ما ندين به نحن وفقط ، ولو تأملت لوجدت أن نظام القاعدة و طالبان وغيرهما إنما هى رد فعل للظلم الأمريكى و توابعه مـن الغرب وعدم الانصاف ، و حرية التعبير الواهية التى حرمتنى مـن نشرقصائد نقدية فى السيد بوش فى صحف بلادى خوفاَ مـن السـيد الأمريكى أرأيت إلى أى مدى الوجه الأخر لعدم حرية التعبيرالذى ألقى بظلاله الثقيلة للحجر على حرية الآخرين فى بلادهم ، وللأسف ُنشرت هذه القصائد جريدة عربية بدولة فلسطين المحتلة التى تنعم بديمقراطية أمريكية ممنوحة لهم خصيصاَ .
...... لم تكن بلادكم وخاصة الدنمارك بالدولة الكريهة لنا ولكن من أهــــم الدول التى نعجب بنموذجها الإقتصادى ، و مستوى الرفاهية فيها ، و كنا نعجب كذلك بفريقكم فـــــــى الدورى الأوربـى و كأس العالم ، خاصة ومن لعب أقدام جنودكم برأس القائد الانجليزى المقطوع وهم يتقاذفونها حينما أحتلتكم إنجلترا ، أخذ العالم عنكم لعبة كرة القدم ، ومن مواقفكم الشجاعة تجاه قضايانا العربية ، وخاصة القضية الفلسطنية ومصاحبتكم للسيد ياسرعرفات فى رحلة علاجه الأخيرة حتى وفاته ، ومقاطعتكم للبضائع الإسرائيلية تضامناً معنا ، وحتى الـــــ 75% من المعونة التى ترسلونها لبلدى مصر عن طريق هيئة المعونة الدانماركية ( الدانيرا ) و التى تصل إلى 200 مليون دولار سنوياَ كل هذا و غيره نقدره لكم ، لكن اللعب على وتر العقيدة بالتحقيـر والإزدراء دون داعٍ هو ما أسكب الزيت المغلى فوق الجروح ، وأعاد لذاكرتنا محاكـم التفتيش الأسبانية ، و كل قصــص الإحتلال لبلادنا والمدافن الجماعية لشهدائنا ، و الحروب الصليبية من فلسطين حتى حرب البوسنه والهرسك وما يجرى على أرضكم مــــــــن التعرض للمحجبات، وإزدراء و تدنيــس لقبــــــور المسلمين ، وغيره مما لايجدر ذكره ..
لعله روعك أن نرد منتجاتكم ونقاطعها ونحرق سفاراتكم ونرد سفرائكم ونضرب عرض الحائط بمعوناتكم ، ولا نأبه لمواقفكم تجاه قضايانا الوطنية ، لا يا رجـل الغرب اليمينى المتطرف : عليك أن تدرك على من صوَّبت رصاصاتك الطائشة فلقد صـور لك جهلك و أعماك حقدك أن فعلك ورد فعلنا لن يكونا متساويين ؛ نعم .. لأن من صورته فى هذه الصور المهينة يعيش فى قلب ألف مليون وخمسمائة مليون مسلم وتدق نبضاتهم فــى كل صلاة بالصلاة و السلام عليه و منتهى أمانيهم أن يقابلوه فى الجنة وأقصى أمانيهم فى الحياة أن يروه ولو مناماً ، و الذى يقرأون سيرته و يحفظون أقواله و يخافون مـــــــن الكذب عليه ، و يخشون من أفعالهم السيئة فى الدنيا حين يلقاهم فى الآخرة ، ويعلمون كم تعذب و أوذى فى حياته لينشر دين الله فى العالمين ولم يكن سباباَ ولا فظاَ ولا عيــــاباَ ولا فحاشاَ ولا صخاباَ بالأسواق ، وكـــــــان متوحداَ فـى أخلاقه قبل البعثة وبعد البعثة لـو قرأته بعين الإنصاف من مصادر صحـــيحة لأحببته إن لم تؤمن به ولأ نصفته من نفسك وبَشَّرت به بين قومك ولصوبت خطأك الجسيم فى حقه وحق تابعيه ، أنشر فــــى صحيفتك الصـــــدق عن رجل صادق مقال عنوانه : ( كيف عرفتُ رسول المسلمين) بنفس المساحـــــة فـى نفس الصفحة بنفس الجريدة ، تعد لنا إن أنت فعلت ذلك الصدق بكل ما هو جميل ومثالى فى حضارة الغرب ، وأن تنصح من يريدون أن يعلنوا الحرب على الإرهاب أن يكفوا هــــــــــم أولاَ عن إرهاب الشعوب وأن يشيعوا روح العدالة و التسامح بين الناس ، ويعجبنــى قــول من قال : إن لم يعلم أهل الأديان الحب للناس فمن يعلمهم ، وإن لم يجمعنا دين الله فمـــــا الذى يجمعنا ؟... و ليس علينا نحــــن المسلمين إلا حسن الظن كما علمنا ديننا ، وهاأنــــــذا سأصبر وسأنتظر ، وأحسن الظن بــــــــــــــك ......لعــــــــــل و عـــسى....