في نهاية العصر الحجري، بدأ الفخار وحتى المعادن، وتحديداً النحاس، يحلان تدريجيا محل الحجارة لصنع معظم الأدوات اللازمة للإنسان، يختلف العاملون في الآثار الفلسطينية على تفسير الفترة النحاسية هذه وهي مرحلة انتقالية بين العصور الحجرية والعصور البرونزية، ولكنهم تعارفوا على تسميتها بالعصر الحجري النحاسي. البعض يعتبرها مرحلة متأخرة من العصر الحجري وآخرون يعتبرونها مرحلة مبكرة من العصر البرونزي. المدافن ذات المداخل الرأسية في أريحا وتل الفارعة، وخاصة الأواني والحلي والنحاسية والفخارية المكتشفة هناك، هي مصدر معلوماتنا الرئيسي عن نهاية العصر الحجري وبداية العصر البرونزي.
يعرف العصر البرونزي القديم في فلسطين 3200-2000 ق.م. بعصر دويلات المدن. بدأت اتصالات فلسطين التجارية بمصر وبلاد ما بين النهرين في هذه الفترة فالمنتجات الفلسطينية مثل السيراميك وزيت الزيتون كانت تصدر على قوافل من الحمير إلى هذه البلاد. تمكنت العديد من دول المدن الكنعانية في هذا العصر، وبالرغم من الهيمنة الثقافية المصرية، من المحافظة على درجة عالية من الاستقلال الذاتي. وبنى العديد من ملوك مدن الدول الكنعانية أسواراً حول مدنهم وأنشأوا حكومات وجيوشاً مستقلة، وشيدوا قصوراً ومعابد، وتسلطوا على المناطق والقرى المحيطة بمدنهم. بعض هذه المدن مثل شكيم (نابلس) ومجدو وغزة وأسدود والخليل وغيرها، تطورت مع الأيام إلى قوى إقليمية هامة، حتى إن ما يسمى بملوك الأقطار الأجنبية "الهكسوس"، وهم على الأغلب من سكان فلسطين في هذه الفترة، بلغوا من القوة بحيث نجحوا في احتلال شمالي مصر، كما أدخلوا استعمال الخيول والعربات إليها. لكن وبعد انتصارات متتالية على الهكسوس، تمكن الفرعون المصري ومؤسس الأسرة المصرية الثامنة عشرة، تحتمس الثالث 1469-1436ق.م من طرد الهكسوس من مصر وملاحقتهم إلى فلسطين وتثبيت هيمنة بلاده عليها. استمرت الهيمنة الفرعونية على فلسطين حتى العصر الحديدي، وتميزت بسيطرة وحضور عسكري قوي بالإضافة إلى هيمنة ثقافية، حيث عمد الفراعنة إلى أصحاب أمراء المدن الكنعانية الرئيسية معهم إلى مصر لتعليمهم هناك وبالتالي ضمان ولائهم.
سهلت حياة التمدن تطوير المهارات المتخصصة لدى هذه الفترة، حيث تم اكتشاف العجل لصناعة الفخار، وأضيف القصدير إلى النحاس لإنتاج البرونز، وهو معدن أكثر عملية وأقوى لصنع الأدوات للاستخدام البشري في الحقبة المتأخرة من هذا العصر، لم يعد استخدام معدن البرونز مقتصراً على صناعة أدوات الترف والزينة بل استخدم أيضاً في صناعة الأسلحة والأدوات المختلفة. عبد الكنعانيون من سكان مدن فلسطين في الفترة العديد من الآلهة مثل: إيل وعشتار وشاماش….وغيرهم إن أفضل تمثيل لمخلفات هذا العصر موجود اليوم في تل بلاطة (شكيم) قرب نابلس، وتل الفارعة شمالاً (ترزا)، وتل التل (عاي) قرب دير دبوان وتل النصبة (ميتزبا) قرب رام الله