في بداية الفترة الفارسية (538-332ق.م) سمح سايروس ملك فارس لكل الشعوب التي تم نفيها على زمن البابليين والآشوريين بالعودة إلى بلادهم. استفاد اليهود كغيرهم من هذه السياسة الليبرالية وعادوا إلى فلسطين، وقد سمح لهم الفرس لاحقاً بتشييد معبد في القدس.
آثار هذه الفترة نادرة في البلاد والسبب هو أن فلسطين أصبحت مقاطعة صغيرة قليلة الشأن في إمبراطورية ضخمة تسيطر على كل منطقة الشرق الأوسط، كما أن فلسطين لم تكن مهمة كثيراً بالنسبة للفرس من الناحية الدينية، وبالتالي لم يعن هؤلاء بتشييد الكثير من الأبنية فيها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الكثير من مخلفات هذه الفترة والفترات التي سبقت عصر هيرود العظيم (القرن الأول قبل الميلاد) دمرت على يديه لإفساح المجال أمام أعماله العمرانية الضخمة.
احتل الاسكندر الكبير فلسطين بعد أن هزم الفرس في 332ق.م وبعد موته في 323ق.م نال قائد بطولومي حكم مصر، وسلوقس نال سوريا، وهكذا أصبحت فلسطين مسرحاً للصراع بين السلالتين البطلمية والسلوقية احتفظ البطالمة بفلسطين حتى عام 200 قبل الميلاد عندما انتقلت إلى أيدي السلوقيين. يمكن مشاهدة بقايا هذه الفترة اليوم في كل من سبطية، وجبل جرزيم في نابلس، وبيتين قرب رام الله.
احتل القائد الروماني بومباي فلسطين سنة 63 ق.م واستمر حكم الرومان لها حتى الفتح الإسلامي. في البداية حكم الرومان فلسطين حكماً مباشراً، ولكن حين ظهر قائد محلي قوي هو هيرودوس الأدومي 37-4 ق.م، منحه الرومان حكماً ذاتياً وأضافوا مناطق جديدة إلى مملكته. كان عصر هيرودوس واحداً من أزهى العصور في تاريخ فلسطين. فقد قام هذا الملك العظيم بتنظيم البلاد وتشييد العديد من المدن والقلاع والمعابد في كل مكان، لو أنه أرهق رعاياه بالضرائب الباهظة. افتقر أبناء هيرودوس لخصائص والدهم، لذلك قام الرومان مرة ثانية بمباشرة حكم فلسطين بأنفسهم في العام السادس بعد الميلاد، وحولوا السلطة السياسية إلى الحكام الرومان الذين اتخذوا قيسارية عاصمة لهم. شهدت فلسطين ثورتين خلال هذه الفترة الأولى ثورة قادها الحزمونيون اليهود عام 66م، وعلى أثرها قام تيتوس وفسباسيان بتدمير العديد من المدن الفلسطينية بما فيها القدس، والثانية ثورة باركوخبا 132-135م، وعلى أثرها هدم الرومان مدينة القدس وبنوا على أنقاضها مدينة جديدة أسموها ايليا كابيتولينا. بعد هذا تحولت فلسطين إلى مسرح للنزاع بين المسيحية والديانات الرومانية الوثنية القديمة. استمر هذا النزاع إلى ان اعترف الإمبراطور قسطنطين بالديانة المسيحية واعتمادها ديانة رسمية للإمبراطورية بعد مرسوم ميلان عام 314 بعد الميلاد. ويمكن التعرف على أهم بقايا هذه الحقبة التاريخية في كل من سبسطية قرب نابلس، والهيروديون قرب بيت لحم، والحرم الإبراهيمي في الخليل، وفي قمران وتلول أبو العريق قرب أريحا…….الخ.
انتقال الحكم من روما إلى بيزنطة عام 324 بعد الميلاد لم يكن بالتغيير الهام من الناحية الحضارية، لقد كان مجرد انتقال لمركز الثقل السياسي للإمبراطورية من روما إلى المدينة الجديدة "القسطنطينية" عاصمة الإمبراطورية البيزنطية أما الحدث الذي كان له تأثير هام على فلسطين فهو قرار الإمبراطور الروماني قسطنطين إعطاء الشرعية للديانة المسيحية في العام 314 كما ذكرنا سابقاً، لقد كان لهذا القرار تأثير بعيد المدى على كل التطورات اللاحقة في تاريخ فلسطين والعالم، فقد ظهرت الكثير من الكنائس والأديرة في كل مكان، وبدأ الحجاج المسيحيون بالتدقيق على البلد من كل أنحاء العالم المسيحي ويمكن التعرف على بقايا هذه الفترة في كل من:
كنيسة المهد، ودير مار سابا، ودير ابن عبيد في منطقة بيت لحم، وكنيسة بيثاني في العيزرية، وكنيسة القيامة في القدس، وفي البيرة، وبيتين في منطقة رام الله…..الخ